الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
حرائر (البنّا)  والقيادات الأُول للأخوات (٢)

حرائر (البنّا)  والقيادات الأُول للأخوات (٢)


بعد القبض على الغالبية العظمى من الجماعة الإرهابية عام ١٩٥٤ وهروب بعض منهم للخارج، لم يبق سوى الأخوات ليقمن بالتكليفات الآثمة، ولكن ما لبث أن تم القبض عليهن أيضًا فى قضيتهن الشهيرة والمعروفة بـ«الجهاز التمويلى» وكان ذلك عام 1965، فدخلن أيضًا السجون والمعتقلات ولكن بقيت التابعات لهن يقمن بشكل سرى وفردى بتوصيل الرسائل بين المسجونين وذويهم فى الخفاء حتى جاءت فترة السبعينيات  والتى مثَّلت بروز جيل جديد من كوادر الأخوات مازال حتى الآن يمثل رافدًا رئيسيًا هو وما تلاه لأجيال من الأخوات الجدد يضعن أمامهن القيادات الأول  اللاتى يمثلن (الوسيطة وكاتمة الأسرار والناظرة) لدى البنا …
أُعيد نشاط قسم الأخوات بعد ما توقف لسفر  أولى القيادات (المفداة لبيبة أحمد) إلى السعودية عام 1937 ولإعادة نشاط القسم قصة يرويها الإخوانى (محمود الجوهري) فى مذكراته التى أطلعنى عليها (مسعود السبحى) وكان يعمل كاتم أسرار وسكرتيرًا خاصًا للمرشد وقتها (مهدى عاكف)  فى مكتب الإرشاد بالمنيل عام 2005، ويذكر الجوهرى بأنه كان له زميل دراسة اسمه (هاشم العمري) سبقه فى الانضمام إلى الجماعة وكان يسكن حى طولون، وقد طلبت منه بعض سيدات الحى أن يعطيهن درسًا دينيًا فى مكان أثرى بالقرب من مسجد (أحمد بن طولون) وقد طلب العمرى من الجوهرى أن يساعده لإلقاء بعض الدروس لسيدات الحى، فذهب وأخذ زوجته (أمينة على) معه وكانا  قد تزوجا عام 1935 لكنهما يعتبران ارتباطهما الحقيقى عام 40 عندما انضما إلى الإخوان، وأمينة لم تحصل على شهادات دراسية ولكنها تجيد  القراءة والكتابة وتحفظ جزءًا يسير من القرآن الكريم، وقد اعتبر هذا كافيًا لدى الجماعة لتصير (داعية) ووسيطة بين البنّا والأخوات.
وكانت بدايتها عندما طلب منها زوجها الجوهرى أن تقوم نيابة عنه بإعطاء الدروس الدينية للسيدات فى حى صديقه العمرى الذى طلب مساعدته، وقامت بهذا الدور فى مسجد صغير يسمى (أزبك) بالقرب من مسجد بن طولون، وبما إن هذه الزاوية فى حى فقير ونساءها فقيرات فى كل شيء فقد أعجبهن كلامها البسيط وصارت تعطيهن دروسًا كل أسبوع  وبدأت تنتشر من مكان لآخر من خلال ما يطلق عليه (الشعب الإخوانية) وتوسعت حتى صار بالضرورة يأتى إليها زوجات وأمهات وأخوات وبنات الإخوان ليكون ذلك هو التمهيد المبدئي لانضمامهن لقسم الأخوات الذى من هذا التاريخ انتشرت فروعه ومكافأة لأمينه من البنّا فقد  جعلها مسئولة صندوق قسم الأخوات واختار زوجها الجوهرى ليصبح سكرتيرًا للقسم  ويكون حلقة الاتصال بين البنّا والأخوات.       
وبعد فترة قصيرة انضم للقسم زوجات الإخوان المتعلمات مثل ( زينب الشعشاعى زوجة عبداللطيف الشعشاعى، فاطمة عبدالهادى زوجة محمد يوسف هواش، آمال عشماوى زوجة منير الدالة، فاطمة توفيق زوجة عبدالمنعم حسن، زهرة السنانيرى شقيقة كمال السنانيري) وقد شكلت هذه المجموعة وفدًا للسفر لأقاليم الوجهين البحرى والقبلى للإشراف على تكوين وتنظيم أقسام الأخوات هناك، وكانت مجلات الإخوان تخصص جزءًا من صفحاتها لقسم الأخوات ينشرن فيه أفكارهن ونشاطهن  وعندما صدرت الجريدة اليومية للإخوان خصصت مساحة كبيرة للعمل النسائى بالجماعة وكانت تحررها مجموعة من الأخوات وأنشأت مدارس إخوانية لتعليم الفتيات الفقيرات واليتميات لاستقطابهن كنواة نشء لبراعم الفتيات الإخوانية وكان مكانها فى شارع بستان الفاضل بالمنيرة وكانت تقوم الأخوات بالتدريس بها وظلت هذه المدرسة تزاول نشاطها حتى تم تجميدها نتيجة لقرار حل الجماعة عام 1948.
ويذكر الجوهرى أنه فى عام 43 سأله البنّا كيف حال الأخوات عندك؟ فقلت له عندنا عدد كبير من المتعلمات عددهن يفوق الـ١٠٠ من التعليم الابتدائى وحتى الجامعة، فقال عظيم اجمعهن لى ومن ذلك اليوم والبنا هو من يقوم بتأهيلهن وكانت تدون الاجتماع (هانم صالح) كسكرتيرة للبنا ولكن الإخوان يأسفون لأنهم لم يحتفظوا بهذه التدوينات الأولى، حيث اختار البنّا من تلك المتعلمات لجنة أطلق عليها (لجنة الإرشاد العامة) من 12 عضوة انتخبن من المتعلمات وكانت ترأسهن آمال عشماوى التى تعتبر كاتمة أسرار البنّا، وقد ظل مقر الأخوات فى شارع سنجر حوالى سنة ونصف ثم نقل إلى منزل منير الدالة زوج آمال عشماوي.
ويذكر الإخوان دور قسم الأخوات فيما أطلقوا عليه (محنة أولى) وكانت عام 48 حيث برز  دورهن المدخر لهذه الظروف فقمن بالاتصال ببيوت الإخوان المعتقلين لرعاية أولادهم، وأيضًا دورهم فى قضية (السيارة الجيب) حيث قاموا باستئجار شقة قريبة من سجن طرة المسجون فيه الإخوان وكن يقمن بغسل ملابسهم وإعداد الطعام لهم طوال ثلاث سنوات حتى تم الإفراج عنهم، ويذكرون أيضًا (محنتهم الثانية) عام 54 حيث كوّن قسم الأخوات لجنتين إحداهما مسئولة عن إعداد الطعام والملابس للإخوان بالسجون، والثانية تقوم بزيارة أسر الإخوان المسجونين من الفقراء ومساعدة أهاليهم حتى يظلوا على الولاء للجماعة.
ويروى الإخوان عما أسموه (نازلة عام 1965) التى أعدم فيها سيد قطب ويدعون أنه (عالم ربانى) بأن فى هذه القضية اعتقل حوالى مائتى من الأخوات كانت من بينهن (أمينة على) ولكنها خرجت بعد ثلاثة شهور لأنها مريضة سكر ولكنها أتقنت تكرار النوبات أثناء التحقيق معها وكتب طبيب السجن تقريرًا بأنها تنتظر الموت بين ساعة وأخرى لسوء صحتها، ولكنهم يقولون أنها عاشت بعد ذلك 15 عاما فى إشارة منهم بأنها أتقنت دورها حتى صدقها طبيب السجن وعلينا أن نقيس على ذلك أفعالهم تلك حتى يومنا هذا.